إن الصلاة هي عماد الدين ، وعصام اليقين ورأس القربات ، والعماد هي المعين الذي لا ينضب ، والزاد الذي يزود القلب ، العماد إنها مفتاح الكنز الذي يغني ويقني ويفيض ، العماد هي الروح والندى والظلال في الهاجرة ، إنها اللمسة الحانية للقلب المتعب المكدود ، إنها زاد الطريق. فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى، قال الله عز وجل( وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون)
أيها المؤمنون: الصلاة عماد الدين والركن الثاني من أركان الإسلام، وهي آكد العبادات، وأعظم الطاعات، والفريضة التي لا تسقط أبدا، لا في حل، ولا في سفر، ولا في مرض، وهي أول ما يحاسب عليها العبد يوم القيامة، وهي بمثابة القلب من الجسد، وإليها يرجع أصل صلاح الأعمال، فمن صلحت صلاته صلح سائر عمله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر».
ومن حافظ عليها فهو لما سواها من العبادات أحفظ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها:« من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة».
وقال صلى الله عليه وسلم:« الصلاة ثلاثة أثلاث: الطهور ثلث، والركوع ثلث، والسجود ثلث، فمن أداها بحقها قبلت منه وقبل منه سائر عمله، ومن ردت عليه صلاته رد عليه سائر عمله»
والصلاة عبادة في شرائع الأنبياء، فقد دعا الخليل إبراهيم عليه السلام ربه تعالى أن يعينه على إقامتها فقال( رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء) وأثنى الله سبحانه على إسحاق ويعقوب عليهما السلام لإقامتهما الصلاة فقال تبارك وتعالى: وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين)
وأمر الله تعالى بها موسى وهارون عليهما السلام فقال عز وجل( واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين) , وقال الله تعالى (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين)
وفى التاكيد على المحافظه عليها في الحضَر والسَّفَر، والأمن والخوف، والسِّلم والحَرْب: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ﴾[البقرة: 238 - 239]، ويُنذر بالويل والهلاك كل من يسهو عنها حتى يضيع وقتها: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4 - 5]، ذكَرها - صلَّى الله عليه وسلَّم - يومًا فقال: ((مَن حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نورٌ ولا برهان ولا نَجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأُبَيِّ بن خلف))؛ [رواه أحمد وابن حبَّان].